لاشك أن المجتمعات كلما كانت منفتحة في تعاطيها مع مشكلاتها كلما سرّعت من إيجاد الحلول، الركون إلى الذات وإدعاء إكتمال كل سبل الحل لأي مشكلة هو أول ما يولد الإنهيار الإجتماعي وإستشراء المشكلات.
إنتهاء الزواج بحالات طلاق ظاهرة غير طبيعية في المجتمع السعودي، أكثر من نصف حالات الزواج تنتهي بالطلاق، و60% من حالات الطلاق تتم في السنة الأولى. بمعنى أن المشكلة جذرية وليست طارئة، تتعلق بمستوى معرفة الرجل لزوجته، ولا ننسى أن بعض الأسر والعائلات لا تتيح المجال للزوج بأن يحصل على حقه بـ النظرة الشرعية، فهو يعقد عليها ويدخل عليها ويقبل بها أمام مأذون الأنكحة وهو لا يدري ما هو شكلها، خُلقها، مستوى التوافق بينهما!
الاخصائية الاجتماعية نوال النمر قالت في دورة الخطوط الحمراء التي قدمتها مؤخراً في ملتقى التطوير الإجتماعي بـ سيهات وإستمرت لمدة يومين: إن الحياة الزوجية التعيسة تسبب العديد من الأمراض كالإصابة بضغط الدم، وأمراض القلب، والإصابة بالأمراض، إن 80 بالمئة من أسباب الطلاق تكمن في إبتعاد الزوجين التدريجي عن بعضهما البعض، أو لغياب الشعور بالحب والتقدير بينهما، وغياب الإحساس بالقرب والألفة، والزواج السعيد لا يعني أنه لا يوجد إختلاف أو خلاف!
الزواج ليس فردوساً أبدياً لكنه ليس جحيماً مشقياً، التفاهم حتى على المشكلات أو الإختلاف بوجهات النظر هو ما يديم العلاقة، وأتعجب من الشباب الذين سرعان ما يتخذون قرارات الإنفصال في السنة الأولى من الزواج وهم لم يعرفوا بعد زوجاتهم ولم يدخلوا في أعماق العلاقة التي تحتاج إلى سنوات حتى يتم إكتشاف الأذواق والعادات والأساليب التي يمكن أن تكون سبب ترابط ومظنة تفاهم بين الشريكين، وإذا أردنا إستلهام قصص تجارب الزواج الكبرى الناجحة فلا يمكننا أن نطبّقها حذو القذّة بالقذة لأن التجارب لها ظروفها المختلفة بين شخص وآخر، غير أن هناك منعشات كثيرة للزواج وأضرب مثلاً بمنعشين اثنين:
الأول: هو السفر، إذ تتفكك العقد المغلقة، وتكون الفرصة للحوار والنقاش والبهجة أكبر.
الثاني: هو تغيير الروتين، مثل البعد عن السكن اليومي نحو فندق ما، أو شاليه يكون مكاناً للإستجمام والراحة والدعة.
بآخر السطر، هناك ممكنات كثيرة لإحياء العلاقة الزوجية وهذه النسبة من الطلاق التي حلّت بالمجتمع السعودي عجيبة وأتمنى أن نراجعها اجتماعياً، وأن يعرف الشباب خياراتهم حتى لا يفسدوا حياتهم وحياة زوجات ما كدن يفرحن بفستان الزفاف الأبيض حتى وصلتهن ورقة طلاقهن!
بقلم: تركي الدخيل.
المصدر: مركز واعي للإستشارات الإجتماعية.